تاريخ وثقافة عالمية في قلب النيل: عملية نقل معبد أبو سمبل


عملية نقل معبد أبو سمبل كانت إنجازًا هندسيًا وثقافيًا مذهلاً في تاريخ الآثار العالمي. إليك بعض التفاصيل الإضافية حول هذه العملية المعقدة:

التهديد بالغرق

في أوائل الستينات، كانت مياه بحيرة ناصر (التي شكلها سد العظيم على نهر النيل) تتقدم باتجاه منطقة معبد أبو سمبل. كان ذلك يهدد بغرق هذا المعبد الفريد والذي يعود تاريخه إلى عهد الفرعون رمسيس الثاني.

التخطيط والاستعدادات:

بدأت مصر بالتعاون مع منظمة اليونسكو ودول أخرى في التخطيط لنقل المعبد إلى موقع جديد يرتفع عن مياه البحيرة ويحافظ على ثراءه الثقافي والتاريخي.

التقنيات المستخدمة:

استخدمت فرق الآثار التقنيات الحديثة في تفكيك المعبد، حيث قطعت الصخور الكبيرة إلى قطع صغيرة قبل نقلها. تم استخدام معدات ثقيلة متقدمة مثل الرافعات الهيدروليكية لرفع الأجزاء الثقيلة بحذر شديد.

النقل والإعادة التجميع:

يقع الموقع الجديد على بعد حوالي 200 متر ويرتفع علو 65 متراً. ولذلك، وَجُب مراعاة محاذاة المعابد لبعضها البعض ا تماماً كما كانت من قبل. وكانت عملية التجميع تجري خلال ساعات معينة من الربيع والخريف، إذ تستمر حينها أشعة الشمس في إلقاء الضوء على التماثيل في القاعات الداخلية الأكبر للمعبد، على بعد 60 متراً من الجرف. تم إعادة الكتل إلى موضعها واحداً تلو الآخر بدقة متناهية. كان الانحراف المسموح لا يتجاوز حدود ال5 مم بالزائد أو الناقص فقط. هنا أيضاً، تم استخدام معدات الهواء المضغوط من أطلس كوبكو، إذ أتاحت سهولة استخدامه ووزنه الخفيف العمل مع الحجر الرملي المسامي. تم تثبيت الكتل ببعضها باستخدام قضبان التسليح والثقوب المحفورة ، وتم تعبئة الوصلات بمادة اصطناعية. كان مثقاب أطلس كوبكو Kv-638 أحد الأدوات المستخدمة في حفر الثقوب. كان من الواضح عدم إمكانية تأطير المعابد بالحجر الطبيعي كما هو الحال في موقعها الأصلي، و كان لابد من إنتاج هذه الميزة بشكل اصطناعي. ولذلك، كان لا بد من إزالة 30000 متر مكعب من الحجر لإفساح المجال لإعادة التجميع. شيّدت القباب العملاقة فيما بعد فوق أسطح المعابد، واستخدمت الكتل الحجرية الناتجة عن أعمال التنقيب السابقة لصنع تلال تبدو طبيعية فوق القباب، وتم وضع حوالي 330000 متر مكعب من الحجر فوق القباب. انتهى العمل في نقل معابد أبو سمبل في 22 سبتمبر 1968 بحفل افتتاح كبير. وكلف المشروع بأكمله حوالي 200 مليون كرونة سويدية لإكماله (حوالي 1.7 مليار كرونة سويدية بالقيمة النقدية الحالية). وتم وضع معابد أبو سمبل على قائمة اليونسكو للتراث العالمي في عام 1979.

النجاح والأثر العالمي

تعتبر عملية نقل معبد أبو سمبل نموذجًا للتعاون الدولي في حماية التراث العالمي. لقد أظهرت العملية قدرة الإنسان على الحفاظ على تراثه الثقافي رغم التحديات الهائلة، وأتاحت للمعبد أن يظل نقطة جذب سياحيًا وتعليميًا هامة لزوار من جميع أنحاء العالم.

باختصار، عملية نقل معبد أبو سمبل في عام 1964 ليست مجرد عملية هندسية، بل كانت مجهودًا دوليًا متكاملاً لإنقاذ تراث عالمي يعود إلى آلاف السنين، وقد أثبتت نجاحًا مذهلاً في الحفاظ على هذا التراث للأجيال الحالية والمستقبلية.


عمليه نقل #معبد_أبو_سمبل
Scroll to Top